نبذة عن الأسرة

 

 

 قال السيد أمين الجندي الحمصي العباسي الهاشمي - شاعر الشام في وقته - مادحا شيخه ورفيقه العلامة الكبير السيد عبدالستار أفندي بن ابراهيم أفندي الأتاسي مفتي الديار الحمصية لما قدم المدينة المنورة عام 1242 من الهجرة


شمس المعارف من وراء ستائر=بزغت تقبل ذيل عبد الساتر
مفتي الأنام وشيخ إسلام الورى=من لم يزل للدين أعظم ناصر
علامة العصر الذي تقريره=للصم يسمع فالتمسه وبادر
هو للشريعة آخذ بيمينها=ويسارها نهجا لعبد القادر
هو روضة الفضل التي أفنانها=للهدي تطلع كل نجم زاهر
اعني ابن ابراهيم كعبة قصدنا=بدر الهدى بحر العلوم الزاخر
نجل الأتاسي الذي بسما العلا=ورث المفاخر كابرا عن كابر
نعم الملاذ أبو السعيد لخائف=من كل باد في الأنام وحاضر
ذو همة قد جردته فلم يكن=بالحق إلا كالحسام الباتر
شرفت بكوكب هديه حمص كما=شرفت تهامة بالنبي الطاهر
وأنا الذي لما اهتديت بهديه=وشهدت منه ضياء بدر سافر
لاحت علي شوارق الأنوار من=مشكاته فمحت ظلام بصائري
يا زائرا يبغي زيادة حبه=حيتك سارية الحيا من سائر
يمم حمى الحبر الهمام ومن غدا=كالبحر يقذف كل در فاخر
والثم تراب نعاله متمسكا=من طيب رياه بمسك عاطر
واشكوا الحوادث والأسى لجنابه=شكوى العليل إلى الطبيب الماهر
فهناك تبلغ ما تروم وتجتني=ثمر الأماني والأمان الوافر
مولى إذا ما الضيق يمم رحبه=بالبشر يلقاه كروض ناضر
كنز ظفرنا من معادن فكره=بفريدة حلت عقود جواهر
بيات شهد والأولى يدعونها=أبيات شعر إذا حلت لشاعر
أضحت لها زهر النجوم قوافيا=فغدت رجوما للحسود الخاسر
تأبى القرائح أن تجيء بمثلها=وترد بعد العجز رد الحاسر
عن سحر بابل أعربت ألفاظها=ولكم نحا هاروتها من ساحر
وبلطف معناها البديع ونطقها=طرف تلذ لسامع ولناظر
لا عطر بعد عروس حسن اطلعت=أصباح فرق شق ليل غدائر
ببراعة استهلالها سفرت لنا=عن حسن تاريخ بسعد ظاهر
ومعارض أبياتها كمحاول=لمس السما بنان باع قاصر
تمت بسم الله سؤدد حمدها=بعد التعوذ من خليل ماكر
يا ابن الرسول سحاب فضلك عمنا=بمكارم ومراحم ومآثر
أنا لست بالمحصي ثناك وإنما=أوصافك الحسنى تلذ لذاكر
ومن الذي للبحر يهدي الدر أو=للشمس يكسو ثوب نور باهر
لو أنني وفيت مدحك حقه=فني النظام وضاق نثر الناثر
ولكنني بالعجز معترف ولي=طمع بحلمك إذ علمتك عاذري
لا زلت أنت وسائر الأنجال في=عيش رغيد مع صفاء الخاطر
مع كل من وافى رحابك يبتغي=سبل الهدى من وارد أو صادر
ثم الصلاة مع السلام على الذي=هو خير ناه للأنام وآمر
والآل والصحب الذين لهم عنا=يوم الكريهة كل ليث كاسر
ما للأمين على محبتكم بدت=شمس المعارف من وراء ستائر
 
شمس المعارف من وراء ستائـر        بزغت تقبل ذيـل عبـد الساتـر
مفتي الأنام وشيخ إسلام الـورى        من لم يزل للدين أعظـم ناصـر
علامة العصـر الـذي تقريـره        للصـم يسمـع فالتمسـه وبـادر
هـو للشريعـة آخـذ بيمينـهـا        ويسارهـا نهجـا لعبـد القـادر
هو روضة الفضل التـي أفنانهـا        للهدي تطلـع كـل نجـم زاهـر
اعني ابن ابراهيم كعبـة قصدنـا        بدر الهدى بحر العلـوم الزاخـر
نجل الأتاسي الذي بسمـا العـلا        ورث المفاخر كابرا عـن كابـر
نعم الملاذ أبـو السعيـد لخائـف        من كل باد في الأنـام وحاضـر
ذو همة قـد جردتـه فلـم يكـن        بالحـق إلا كالحـسـام البـاتـر
شرفت بكوكب هديه حمص كمـا        شرفت تهامـة بالنبـي الطاهـر
وأنا الذي لمـا اهتديـت بهديـه        وشهدت منه ضياء بـدر سافـر
لاحت علي شوارق الأنوار مـن        مشكاته فمحت ظـلام بصائـري
يا زائـرا يبغـي زيـادة حبـه        حيتك سارية الحيـا مـن سائـر
يمم حمى الحبر الهمام ومن غـدا        كالبحر يقـذف كـل در فاخـر
والثـم تـراب نعالـه متمسكـا        من طيب ريـاه بمسـك عاطـر
واشكوا الحوادث والأسى لجنابـه        شكوى العليل إلى الطبيب الماهـر
فهناك تبلغ مـا تـروم وتجتنـي        ثمر الأمانـي والأمـان الوافـر
مولى إذا ما الضيق يمـم رحبـه        بالبشر يلقـاه كـروض ناضـر
كنز ظفرنا مـن معـادن فكـره        بفريـدة حلـت عقـود جواهـر
بيات شهـد والأولـى يدعونهـا        أبيات شعـر إذا حلـت لشاعـر
أضحت لها زهر النجـوم قوافيـا        فغدت رجوما للحسـود الخاسـر
تأبى القرائح أن تجـيء بمثلهـا        وترد بعـد العجـز رد الحاسـر
عن سحر بابل أعربـت ألفاظهـا        ولكم نحا هاروتهـا مـن ساحـر
وبلطف معناها البديـع ونطقهـا        طـرف تلـذ لسامـع ولناظـر
لا عطر بعد عروس حسن اطلعت        أصباح فرق شـق ليـل غدائـر
ببراعة استهلالهـا سفـرت لنـا        عن حسن تاريـخ بسعـد ظاهـر
ومعـارض أبياتهـا كمـحـاول        لمس السما بنـان بـاع قاصـر
تمـت بسـم الله سـؤدد حمدهـا        بعد التعـوذ مـن خليـل  ماكـر
يا ابن الرسول سحاب فضلك عمنا        بمـكـارم ومـراحـم ومـآثـر
أنا لست بالمحصي ثنـاك وإنمـا        أوصافـك الحسنـى تلـذ لذاكـر
ومن الذي للبحر يهـدي الـدر أو        للشمس يكسو ثوب نـور باهـر
لو أننـي وفيـت مدحـك حقـه        فني النظام وضاق نثـر الناثـر
ولكنني بالعجـز معتـرف ولـي        طمع بحلمك إذ علمتـك عـاذري
لا زلت أنت وسائر الأنجال فـي        عيش رغيد مع صفـاء الخاطـر
مع كل من وافى رحابك يبتغـي        سبل الهدى من وارد أو صـادر
ثم الصلاة مع السلام على الـذي        هـو خيـر نـاه للأنـام وآمـر
والآل والصحب الذين لهـم عنـا        يوم الكريهة كـل ليـث كاسـر
ما للأمين علـى محبتكـم بـدت        شمس المعارف من وراء ستائـر



فأجابه على قصيدته جدنا سيدي عبدالستار الأتاسي قائلا:


جاد القريض لنا بسر ظاهر=من غير كسب بل بوهب القادر
في بيت تاريخ بحمد ذوي الثنا=أهل المعالي كابرا عن كابر
هم ذروة العلياء إلا أنهم=بهم الإمام الشهم قرة ناظر
قس الزمان وفخره السامي الذري=ببديع در مشرق بزواهر
تبدو به أنوار عرفان له=ونجومه أضحت دليل الباصر
كم آية من رمزه بزغت هدى=فانشق منها فجر هدي الفاجر
وكم استنار بها قلوب أكابر=من بعد ما كانوا بتيه غامر
لكلام أهل الله كم حكت بدت=في نشر طي من سناه الباهر
ما أن أراها غير شمس صاغها=در الجواهر من قريحة ماهر
السيد المفضال كنز بدائع=وأمين جندي ثمين جواهر
تزهو معانيه بحسن فرائد=مياسة بقدود روض ناضر
حلل كساني مذ وفاني دره=شمس المعارف من وراء ستائر
مسبوكة بلآلئ وجواهر=ووجوه تحسين كصبح سافر
عقد النظام لنا حلا من ثغره=واللؤلؤ المكنون حل بخاطري
قد زانها حسن البديع فاحرقت=ببيانها قلب الحسود الخاسر
در الوشاح له النطاق موشحا=بوشائح تهدي لجسم مكابر
سحر البيان أجاد فرط قراطها=فبدا السبيل لكل معنى ناثر
أني زهير والربيع وقيسهم=من شهد در قد حلا بمآثر
هذي مآثر مصقع العصر الذي=غررا تسامى فوق كل معاصر
حسانه أضحى وكعب زهيره=فاترك مراء يا أخي وناظر
ما شهدت له أهل الدراية كلهم=بين باد قد أجاد وحاضر
في كونه سر البلاغة قد حوى=وكلامه الدر النفيس لخابر
لا زال منطقه بلفظ خرائد=عذبا فراتا سائغا للذاكر
تجري عليه مواهب من ربه=ومواهب في نيل خير وافر
ولك الهنا بمحمد وزفافه=من قد سما بين الورى بالطاهر
خذها إليك لطيفة با ابن الوفا=واقبل لعذري في الخطاء وساير
من غير بحرك لا أراها قد وفت=والحب داعيها فكن بالعاذر
وصلاة ربي والسلام على الذي=نرجو به حسن الختام الفاخر
والآل والأصحاب قرة ناظر=ما غرد القمري وطاب لناظر
 
جاد القريض لنا بسـر ظاهـر        من غير كسب بل بوهب القـادر
في بيت تاريخ بحمد ذوي الثنـا        أهل المعالي كابرا عـن كابـر
هـم ذروة العليـاء إلا أنـهـم        بهم الإمام الشهـم قـرة ناظـر
قس الزمان وفخره السامي الذري        ببديـع در مشـرق بـزواهـر
تبدو بـه أنـوار عرفـان لـه        ونجومه أضحت دليل الباصـر
كم آية من رمزه بزغت هـدى        فانشق منها فجر هـدي الفاجـر
وكم استنار بهـا قلـوب أكابـر        من بعد ما كانـوا بتيـه غامـر
لكلام أهل الله كم حكـت بـدت        في نشر طي من سنـاه الباهـر
ما أن أراها غير شمس صاغها        در الجواهر من قريحـة ماهـر
السيـد المفضـال كنـز بدائـع        وأمين جنـدي ثميـن جواهـر
تزهـو معانيـه بحسـن فرائـد        مياسـة بقـدود روض ناضـر
حلل كسانـي مـذ وفانـي دره        شمس المعارف من وراء ستائر
مسبوكـة بـلآلـئ وجـواهـر        ووجوه تحسين كصبـح سافـر
عقد النظام لنا حلا مـن ثغـره        واللؤلؤ المكنون حل بخاطـري
قد زانها حسن البديـع فاحرقـت        ببيانها قلـب الحسـود الخاسـر
در الوشاح له النطـاق موشحـا        بوشائح تهـدي لجسـم مكابـر
سحر البيان أجاد فرط قراطهـا        فبدا السبيل لكـل معنـى  ناثـر
أني زهيـر والربيـع  وقيسهـم        من شهد در قـد حـلا بمآثـر
هذي مآثر مصقع العصر الـذي        غررا تسامى فوق كل معاصـر
حسانه أضحى وكعـب زهيـره        فاترك مراء يا أخـي وناظـر
ما شهدت له أهل الدراية كلهـم        بين بـاد قـد أجـاد وحاضـر
في كونه سر البلاغة قد حـوى        وكلامه الـدر النفيـس لخابـر
لا زال منطقـه بلفـظ خرائـد        عذبـا فراتـا سائغـا للـذاكـر
تجري عليه مواهب مـن ربـه        ومواهب في نيـل خيـر وافـر
ولـك الهنـا بمحمـد وزفافـه        من قد سما بين الورى بالطاهـر
خذها إليك لطيفة با ابـن الوفـا        واقبل لعذري في الخطاء وساير
من غير بحرك لا أراها قد وفت        والحب داعيهـا فكـن بالعـاذر
وصلاة ربي والسلام على الذي        نرجو به حسن الختـام الفاخـر
والآل والأصحاب قـرة ناظـر        ما غرد القمري وطاب لناظـر



وقال أمين الجندي يعزي الأتاسي لما عزل عن الفتوى بسبب الحسود الظالم:


ما حيلتي والنوائب عوادي=والمزعجات روائح وغوادي
فقد انحمى بعد الصديق عن الحما=وتحكم الأوغاد في الأمجاد
والغدر من طبع الزمان فلم تزل=تأتي عجائبه بضد مرادي
قلبي يقلبه الغرام على لظى=جمر وطرفي مكحل بسهاد
والدمع يضرم نار شوق بثها=في الصدر فقد تصبري ورقادي
 
ما حيلتـي والنوائـب عـوادي        والمزعجات روائـح وغـوادي
فقد انحمى بعد الصديق عن الحما        وتحكم الأوغـاد فـي الأمجـاد
والغدر من طبع الزمان فلم تزل        تأتي عجائبـه بضـد مـرادي
قلبي يقلبه الغـرام علـى لظـى        جمر وطرفـي مكحـل بسهـاد
والدمع يضرم نار شـوق بثهـا        في الصدر فقد تصبري ورقادي


ثم يندب حمص وما حل بها من خروج العلماء، ثم يتخلص إلى مديح الأتاسي المومى إليه فيقول:


أم كان ابراهيم مفتينا يرى=مفتي حليف سيادة وسداد
علامة العلماء درة عقدهم=والطيب ابن الطيب الميلاد
أن قال أما بعد تحسب أنه=في درسه العلامة العبادي
ورث الإمام أبي حنيفة راويا=ما قد عزاه لشيخه حماد
فاق ابن دينار تقى وديانة=حاشاه أن يخفى على نقاد
يا عابد الستار رب طوارق=كانت لاقبال السعود مبادي
لم يخرجوك أولو الضلال عن الحمى=بل أخرجو الدين الحنيف البادي
هاجرت من حمص وقد خلفتها=أسفا تعض بنانها وتنادي
ما فارقتك قلى ولا زهدا ولا=بغضا ولا لمخافة الحساد
الله يعلم أنها مرغومة=بفراق كوكب وجهك الوقاد
تبكي الشريعة لوعة وتحسر=امما تخللها من الالحاد
والملة البيضاء بعد نقائها=وصفائها لبست ثياب حداد
والدرس في درس وأعين طرسه=مطموسة والدين في أكماد
وبضاعة العلماء من فرط العمى=والجهل ملقاة بسوق كساد
قسما بمن أولاك حسن معارف=ولطائف جلت عن التعداد
لو كان يدفع بالتراث عنوهم=لبذلت دونك طارفي وتلادي
ولكنت لوجاهدتهم وخرجت نفسي=نفسي أرد عنادهم بجهادي
 
أم كـان ابراهيـم مفتينـا يــرى        مفتـي حليـف سـيـادة وســداد
علامـة العلـمـاء درة عقـدهـم        والطيـب ابـن الطيـب المـيـلاد
أن قـال أمـا بعـد تحسـب أنـه        فـي درسـه العلامـة العـبـادي
ورث الإمـام أبـي حنيفـة راويـا        مـا قـد عـزاه لشيخـه حـمـاد
فـاق ابـن دينـار تقـى وديانـة        حاشـاه أن يخفـى علـى نـقـاد
يـا عابـد الستـار رب طـوارق        كانـت لاقبـال السعـود مـبـادي
لم يخرجوك أولو الضلال عن الحمى        بل أخرجو الدين الحنيـف البـادي
هاجرت من حمـص وقـد خلفتهـا        أسفـا تعـض بنانهـا وتـنـادي
مـا فارقتـك قلـى ولا زهـدا ولا        بغـضـا ولا لمخـافـة الحـسـاد
الله يعـلـم أنـهـا مـرغـومـة        بفـراق كوكـب وجهـك الـوقـاد
تبكـي الشريعـة لوعـة وتحسـر        اممـا تخللـهـا مــن الالـحـاد
والملـة البيضـاء بعـد نقائـهـا        وصفائهـا لبسـت ثيـاب حــداد
والدرس في درس وأعيـن طرسـه        مطموسـة والديـن فـي أكـمـاد
وبضاعة العلماء من فـرط العمـى        والجهـل ملقـاة بسـوق كـسـاد
قسما بمـن أولاك حسـن معـارف        ولطائـف جلـت عـن التـعـداد
لو كـان يدفـع بالتـراث عنوهـم        لبذلـت دونـك طارفـي وتـلادي
ولكنت لوجاهدتهم وخرجت نفسـي        نفسـي أرد عنـادهـم بجـهـادي


ثم يسليه ويذكره بمصاب جده صلى الله عليه وسلم وخروجه من مكة آسفا ورجعه إليها منتصرا:


كم أضرمت نار التمرد قبلها=لأبيك ابراهيم بالإيقاد
فأعادها المولى عليه بفضله=بردا وتسليما على الأشهاد
وكذاك خير الخلق جدك ناله=هذا العنا والبؤس غب التناد
ولقد شقوا بخروجه من مكة=وحماه غار خص بالاسعاد
وهنالك الرحمن ظفره بهم=وأعزه بالنصر والإمداد
 
كم أضرمت نار التمرد قبلها        لأبيـك ابراهيـم بالإيقـاد
فأعادها المولى عليه بفضله        بردا وتسليما على الأشهـاد
وكذاك خير الخلق جدك ناله        هذا العنا والبؤس غب التناد
ولقد شقوا بخروجه من مكة        وحماه غار خص بالاسعاد
وهنالك الرحمن ظفره بهـم        وأعزه بالنصـر والإمـداد



ومن بلاغته أنه ذكر في الأبيات أعلاه ما وقع لابراهيم من مصيبة، وقد عنى به نبي الله ابراهيم عليه السلام، ولكنه أيضا عنى به والد السيد عبدالستار السيد العلامة ابراهيم الأتاسي الذي أيضا عزل عن الفتوى الحمصية بسبب وشاية حاكم حمص أسعد باشا العظم (والي الشام فيما بعد وباني قصر العظم الشهير بدمشق المحمية)، فخرج من حمص إلى الأستانة ومنها وجهت عليه الفتوى بطرابلس الشام.

والطريف أن السيد عبدالستار استعاد منصب الفتوى فجاءه المنون وهو المفتي بحمص المحمية ولم يتأتى للحساد ابعاده عنه.

والقصيدة طويلة جدا اقتبست منها هذه الأبيات.

 

وقال السيد الجندي يمتدح شيخه الأتاسي بعد ختم درس الحديث الشريف بالمسجد النوري الكبير بحمص:

إن كنت في علم الحديـث   بمغـرم        أو رمت تهدي للصـراط   الأقـوم
ِلذ بالهمام الشيـخ عبدالساتـر    ال        مفتي الأتاسـي الإمـام   الأعظـم
ِعلامـة العلمـاء درة    عقـدهـم        والأكرم ابن الأكرم ابـن الأكـرم
إن قال أمـا بعـد تحسـب    أنـه        في درسه الحبر الهمـام   الهيثمـي
ِمغني اللبيب بقطر ألفـاظ   حكـت        دررا على غـرر تلـوح   كأنجـم
ِهـو للشريعـة آخـذ   بيمينـهـا        عمـلا وعلمـا بالبنـان  وبالفـم
ِهو خير هاد للورى وأجـل   مـن        أملى البخـاري الشريـف لمسلـم
أي صاح إن رمت النجاح فعج إلى        ذاك الجنـاب المستطـاب   ويمـمِ
والزم رحاب أبي السعيد سليـل    ا        براهيم وانهج نهجه ولـه  انتمـي
فالله يبقـيـه لـنــا فلعـلـنـا        بجنابـه نحيـا حـيـاة   منـعـمِ
ثم الصلاة مع السلام على    الـذي        مدحتـه آيـات الكتـاب   المحكـمِ
والآل والأصحاب والأتبـاع   مـا        حسـن الختـام وأنـار  للمتختـمِ

 

 

فمن هو الشاعر الكبير السيد أمين الجندي؟

السيد الشريف العلامة الشيخ أمين بن خالد بن محمد آغا الجندي العباسي الهاشمي: شاعر الشام المشهور، بل وحيدها في الأدب على مر الدهور. صاحب الفرائد والموشحات والقدود، التي كتب لها البقاء والخلود، ولد هذا النابغة بحمص المحمية من أرض الشام عام 1180 (1766م) وأخذ عن علمائها الأعلام ، قال في ذلك نقيب أشراف دمشق السيد أدب تقي الدين الحصني الحسيني في منتخبات التواريخ مترجما له: "أخذ العلوم من علماء حمص، وكان أكثر انتفاعه من السادة الأتاسيين العلماء الأعلام". ودرس أيضا على محمد الطيبي ويوسف الشمسي، ثم نزل دمشق وأخذ العلم عن أحمد العطار ومحمد الغزي ومحدث الشام في عصره عبدالرحمن الكزبري وعلى السيد عمر اليافي. أتقن صناعة الشعر واشتهر به، وله نوادر شعرية تذكر. عاد إلى حمص عام 1194 (1780م) ثم ذهب إلى حماة لما اشتهر أمره وطلبه آل الكيلاني لينالهم من مديحه. وشي به إلى الحاكم أنه هجاه، فالتجأ الجندي إلى حماة ولكن حاكم حمص قبض عليه وسجنه (1246=1830م)، حتى أغار سليم آغا الباكير الأتاسي برجاله من الدنادشة على حمص واستخرج الشاعر الجندي من الحبس. تقرب من ابراهيم باشا المصري لما فتح هذا الشام (1832م) لكونه ممن دعا إلى نبذ حكم الأتراك. رافق ابراهيم باشا إلى مصر وقدمه ابراهيم باشا إلى والده محمد علي وعلماء مصر فأعجب به الجميع. اصطحبه ابراهيم باشا إلى لبنان وحلوا في ضيافة الأمير بشير الشهابي، ثم رجع الجندي إلى وطنه حمص. كان له دور في إبعاد اليهود عن مناصب الدولة ومراكز الحسبة وإدارة أمور الحج وحفظ الدفاتر إذ أرسل إلى السلطان العثماني بقصيدة تعالج هذا الموضوع فحقق في ذلك السلطان وأمر بالدفاتر أن تعرّب بعد أن كانت تكتب بالعبرية.

له أشعار وتشطيرات وتخميسات كثيرة، و قد راجت واشتهرت موشحاته التي أفادت منها مدينة حلب بالذات، ولعل أشهرها تلك التي تبدأ بالبيت "هيمتني، تيمتني، عن سواها أشغلتني" وترك ديوان شعر. ولم يزل يقول الشعر حتى سارت بأبياته الركبان، وسطع نجم أدبه في الخلا والعمران، واستقامت لنظمه القوافي، فراح ينسج بها شعره الصافي

أصيب بالفالج عام 1834م فنظم قصيدته التوسلية المشهورة، ولكن المرض أتى على حياته عام1256=1840م، فدفن بالقرب من جامع ومرقد البطل الصنديد والقائد الشديد سيدنا خالد بن الوليد، ورثاه العلامة زكريا الملوحي فقال فيه:


عيون الدهر تهطل كالسحاب=لفقد العارف الحبر المهاب
على الشعرا أمين كان شمسا=فكيف الشمس تغرب في التراب
فطب مثواك يا مداح طه=كذاك الأنبياء أولو الجنان
بشوال دعاه ثنا خاتم=إلى من عنده حسن المآب
بأعلى جنة الفردوس أضحى=أمين بالبهاء والثواب
 
عيون الدهر تهطل  كالسحـاب        لفقد العارف الحبـر المهـاب
على الشعرا أمين كان شمسـا        فكيف الشمس تغرب في التراب
فطب مثواك يـا مـداح طـه        كذاك الأنبيـاء أولـو الجنـان
بشـوال دعـاه ثنـا خـاتـم        إلى من عنـده حسـن المـآب
بأعلى جنة الفردوس أضحـى        أميـن بالبـهـاء والـثـواب